للروح حالات خاصة بها ...تجعلها في حال ٍ من السعادة يصعب الحديث عنه....أو صفه وبيانه...وهذه السعادة تناسبها كروح ..فهي لطيفة خفيفة متحركة ..هذا وصف تقريبي لما نشعر به...
وإلا هي شيءٌ قد تضيق العبارة عن وصفه ِ ...ذلك أنّها سرٌّمن أسرار
الربِّ جلّ وعلا.. الذي لم يُطلعنا عليه..
قال تعالى في محكم التنزيل:" ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر
ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً"
لكنّنا نحاول قدر المستطاع الحديثَ عنها...وما أجمل الحديثَ عنها..!!
إنّ الروحَ لطيفة... كذلك السرّ الذي تحملهُ..ولها أحوال فرحٍ وسعادة تذهل لبّكَ عن وصف وتتبعثرُ حروفك َ فلا تكاد تجمع معك لبيان معنى...!!
حين تسعد روحك ..وتبتسم... تخفّ ...وتلطُف وتدقّ حتى تنسابُ في حركتها انسياباً عذباً عجيباً... فتجعل الكون في عينك جميلاً..
بل تشعر إن ّ السلام قد عمّ أرجاء نفسكَ وامتدّ إلى جنبات ِ الكون ليغشاها بسكينة ِحضور.!!..وكأنّ الكون كله باتَ يبتسم لك ..ابتسامة هادئة معبِّرة عن معنى السلام الذي رفرفَ برايته البيضاء على جنباتِ روحك المرهقَة التي ربما كادت تلوحُ عليها علاماتُ صفرة تعلوها..!!!
ألا تشعر معي بهذا الشعور اللطيف!!
حين تسعد روحك..ألا ترى الدنيا يتضاءلُ حجمها في عينك..
وكأنّها تخلع عنها رداءها بتلك الألوان الزاهية الخدّاعة وحلَّتها القشيبة
التي كادت تأخذُ بمجامعِ قلوبِ كثير من الناس فتصرفهم..
لتظهر أمامكَ الآنَ.. بلونها الحقيقي الذي لازيفَ فيه.. والذي يجعلك تستسلم وتقف وقفة زاهدٍ مُعرض عنها.. قد خُدع بزيفِ جمالها الذي لوّنَ
الأشياء بغير لونها الحقيقي..فجعلك تُغرقُ في بقاء ٍ ووقوف آمل ٍ ليضيعَ عمركَ الذهبي في أوهام ٍ هي من صنع ِ خيالك السقيم..!!!
حين تفرح روحكَ وتسعدُ ..تسكُن ..وتزهد في نظرها لدنياها
ولايلتفت نظر قلبها إليها..بل لايهتزّ ذلك الفؤاد لمرور ٍ.. لأنّه باتَ
يرى الأمور على الحقيقة فلا يكاد ينخدعُ أو يغترُّ..!!
وحين تسعد روحك وتبتسم تلذّ المصاعب والعقبات في عينك ..
فيصغر ماكنتَ تراه عظيماً من أمور ٍ مثقلات لكاهل ِ روح..!!!
إنّها توقفك لترى الأمور بحجمها الطبيعي وتمسحُ عن فؤاد ٍ تعب الحياة..!
بل ..إنّها توقفك لترى أنّك قد بالغتَ في التوقُّف مع هموم ٍ كبّلت سيرك َ...وآلامٌ قدعرقلت مسيركَ ..!!!
بل وعثّرتَ خطوكَ كثيراً فكفّت قدم عن مضي نحو هدف ..أو جعلته يتردد كثيراً في سيره ...!!بل يذوبُ وينصهر في بوتقة الهموم الساحقة ليدور حول نفسه زمناً طويلاً والنتيجة ..لاشيء!!!
..فيحجب نور نظره عن رؤية العواقب السعيدة التي وعدَ بها الربّ عزوجل.. عباده الصالحين فاشتاقتْ نفوسهم وتاقت ْأرواحهم
لمباشرة ذلك النّعيم المقيم الذي لذّت به وله أرواح السابقين حتى
قال أحدهم: " أنا جنتي في قلبي مايصنعُ بي أعدائي "!!
وحين تسعد روحك...تخفُّ وتلطُف ويفترُّ ثغرها للكون كلِّه..
فترى الوجود جميلاً... والمؤلم هيّناً ويسيراً إن كان في سبيلِ الله ..!!
وحينها سيكون للأشياء ذوقاً فريداً تلتذّ الروح به ولهُ ..إذ أنّها ستجدُ زادها الذي تغتذي عليه وبهِ لتقطع سيرها الطويل ....ولو صامت أياماً ممتدة وأعواماً طويلة..!!
حينَ تفرح روحكَ..يخيّم شعور السَّكينة على حياتك حتى تشعر أنّك استحلت نسمةً باردة ...تتنتقلُ في ربوعِ الجنّة ورياضها وتتنسمُّ عبيرها
فلا ترى مابين يديها شيئاً... بل لايكاد يوقفها شيئاً ...أو يعيقها ..أو يؤلمها ويحبسها بقيد البقاء عن حركةٍ مختارة.. فتخفُّ وتخفُّ وتخفُّّ أضعاف َأضعافَ ماكا نت عليه ...فتتفلّت من كل قيدٍ أرضي لتحلِّق في علو...وتزورَ كلَّ شيءٍ جميل..وتشتمّ كل نسيمٍ عذبٍ..وترتوي من
عذبِ ماءٍ ويفترُّ ثغرها عن ابتسامة عريضة بقدر ِ هذا الكون المتّسع..
لتنشر سعادة قد حلّت في أرجاء فؤاد ..بل وتجعلُ لها بصمةً نورانيّة على جنبات الأفقِ الممتد فتدفَعهُ.. بابتسامتها العذبة... حتى يتّسع ..ويتّسع في كل نفس ٍ كادت تختنق بجدران يأس أو ألم وهمّ..!!
يالله ..ما أعظمها من روحٍ.. تلك الروح الجذلانة.
وما أجمل الحديث عنها.!!!
إنّها تكاد تُشعركَ بأنّها تطير ُ وترفرفُ بجناحي فرحٍ فوقكَ.. لتنشرَ تباشير َالسعادة على روحكَ المُتعبة.. وعلى حياتكَ المُثقلة..
لتشتاق نفسك َالمحبوسة بقيد ألم ٍ... لعبير نسمات ٍ تهتزّ لها أفئدة مشتاقة قد أقبلتْ إليك من دار السلام..