بسم الله الرحمن الرحيم
مساء الخير
ألا يمكن أن تكون المحن أحيانا دافعا غير عادي للبعض , لكي يتفوق على نفسه وعلى ظروف حياته ؟
أرى وترون وتُرينا الحياة نماذج مُشرّفة لكثير من الأشخاص الذين كان فقرهم دافعا لهم ليبنوا ذواتهم من الصفر , وينطلقوا دون أن يكترثوا كم يملكون ؟
وماذا يملكون !
كان شعارهم في الحياة زهدا أكبر مما في أيدي الأغنياء والقادرين
وكان سلاحهم علم ينهلون منه وإيمان ويقين
مافتأت سواعدهم تشدّ حزام الجوع ليصطكّ أكثر
ويشتت حاجة الجوع أكثر , ليتمكنوا من تسطير حرفٍ في غسق الدُجى على مصباح قد يُشبغُ كرمه وقد يمنعه !
لست أدري لم لانكون كهؤلاء !؟
أهو الثرآء ما ميّع مفاهيم الحاجة إلى العمل والنجاح وإثبات الذات وإنقاذ الأنا من براثن الإستهلاك المميت
أم الفراغ الذي يطوينا في دهاليز الظلمة ويزيدنا معاناة
هؤلاء جمعوا من الدنيا ذراها ذرّة ذرّة , ثم مالبثوا أن نفثوه ساعة مصير , فحملتهم الطير حيث يريدون
على أجنحة من حرير ,
تحقيق أحلامهم كان ضربا من المُحال
وتصفيق الأكفّ لهم كان يوما صفعات مدوّية ربما , من الحياة والناس والأيّام
لله درُّهم , ماطابت لهم الحياة حتى امتلأت أكفهم بثراء العلم والفقه والبصيرة والمعرفة
فاستسقى الناس استسقاء منهم دونما كلل وملل
كان شعارهم دوما : ( إن أفضل طريقة للتنبؤ بالمستقبل هي أن نصنعه )
وكانت حكمتهم في الحياة : ( الذي لا رأي له , رأسه كمقبض الباب , يستطيع أن يديره كل من يشاء )
عزاؤهم الذي يؤمنون به هو أن العظمة في الحياة ليست في عدم التعثّر , ولكن في القيام بعد كل مرة تتعثّر فيها .
أذكّركم وإياي بهذا البيت للمتنبي :
وتعظمُ في عين الصغير صغارها...................وتصغرُ في عين العظيم العظائمُ
ياجماعه ! /
ألا تشعرون أنه قد آن الأوان لننهض بعقولنا التي اعتنقت الصِغر , فأصبحت كالمجهر . تُكبر الأشياء التافهة دون أن ترى الأشياء العظيمة !!!
بربّكم / دعوا الحروف تصرخ هنا , وأفيضوا من حيث أفاض الناس .